هل يملك غانتس أدوات الوصول إلى حكومة أقلية؟
لخلافة نتنياهو فى اسرائيل
على مدى ثلاثة أيام تجمد عالم السياسة، لا توجد صحف، وعدسات التلفاز عطلت بعد أن أنهت نزهتها العادية بين ثلاجات تجميد رفوف الكعك، تبدو الدولة في وضع سليم. كثير من مواقف السيارات، الأكل الوفير، كثير من “عيد سعيد وسنة جيدة” والدولة اليهودية فتحت زراً السروال وغفت. يبدو للحظة أن الأمور يمكن أن تسير بدون حكومة، بل ومرغوب ذلك.
ولكن كل ذلك انتهى اليوم، فالمتهم الذي لم ينجح في تشكيل حكومة يتوقع أن يعيد التكليف الذي تسلمه إلى الرئيس. سيضطر إلى التقرير هل سينقله إلى الساحة الثانية كي يتسلى به قليلاً، أو لعله يلقيه إلى الكنيست التي ستقرر ماذا سيفعلون بهذه المشكلة. تقول الحسابات إن بني غانتس لن ينجح في تشكيل الحكومة، وكأن الأمر يتعلق بالقدر. صيغة الفشل تقول إنه لا يمكن لغانتس الجلوس مع الحريديين بسبب يئير لبيد. وللسبب نفسه أيضاً لا يمكنه الاعتماد على افيغدور ليبرمان. هذا الموقف مثل الزيت في عظام العلمانيين الليبراليين: الآن أخيراً يعرض موقف مبدئي قد يغير المبنى الاجتماعي – السياسي لدولة إسرائيل، ومن الآن فصاعداً لن يكون هناك ابتزاز مقيت، ولن يكون هناك برميل بدون قعر من الميزانيات. وبالطبع، توسيع عبء متساو يجبر أبناء الأصوليين على الخدمة في الجيش. ولا يمكن أن يكون هناك حلم أجمل من ذلك. المشكلة هي أن هذا حلم.
يجدر التذكر وعدم النسيان بأن الانتخابات الأخيرة وسابقتها لم تأتيا بسبب انفجار بركان القيم والمبادئ. هدفها كان متواضعاً، لكن تحقيقه صعب: عزل شخص فاسد عن منصبه، شخص مخالف للقانون كما يبدو، قيصر تصرف في الدولة وكأنها كومة من البلاستسين والبدء في عملية إعادة تأهيل طويلة. ومن أجل تحقيق هذا الهدف، وافق مصوتو “أزرق أبيض” على وضع بطاقة مهينة لاعتقاداتهم ومبادئهم في صندوق الاقتراع، ولكي يدخلوا للكنيست والحكومة خليطاً من الأشخاص، كل منهم يمثل قطاعاً صغيراً من الجمهور. عدد منهم يمينيون غير معتدلين، وآخرون يعارضون التفاوض مع الفلسطينيين. وجميعهم يؤيدون قانون القومية الذي يشوه ويرفضون إشراك العرب في أي حكومة يشكلونها. لا توجد ليبرالية هنا، وديمقراطيتهم تشوبها لطخات العنصرية، لكن مصوتيهم وضعوا على أنوفهم كمامة واستندوا إلى الأمل في تحقيق الهدف الأسمى، واقع “من دون بيبي”. وفجأة ظهر مبدأ جذاب: لا يقتصر على “من دون بيبي”، بل و”من دون حريديين”.
لماذا…؟ هل حكومة بدون حريديين ستنجح في أن تجبر أبناءهم بالقوة على الخدمة في الجيش بصورة كاملة؟ هل سيوافق المحافظ على الأخلاق اليهودية، بني غانتس، على تشغيل المواصلات العامة في يوم السبت إذا لم يجلس الحريديون في حكومته؟ صحيح أنه ومن خلال إحصاء كل مقاعد كتلة الوسط – يسار والحريديين، يتبين أن هناك نقصاً في مقعد واحد لتشكيل الائتلاف، لكن لا يوجد أي سبب كي لا يشكل غانتس حكومة أقلية. هذه ستكون حكومة ضيقة وهشة وتستند إلى دعم العرب، مع حريديين وبدون ليبرمان، وأيضاً بدون تناوب ومناورات عدم أهلية التي ستحافظ على رأس نتنياهو.
حكومة أقلية ليست شيئاً جديداً في إسرائيل، ولن يتم حلها في فترة زمنية قصيرة. الحكومة الـ 25 برئاسة إسحق رابين تصرفت كحكومة أقلية على مدى سنتين تقريباً. في الفترة التي تتولى فيها حكومته، يستطيع غانتس توسيع قاعدة دعمها، في حين أن خطر إسقاطها من خلال تصويت بعدم الثقة، يقل إزاء توزيع المقاعد الحالي. ولكن ومن دون حسابات مشوشة لعمرها، فإنها ستحقق الهدف الأساسي الذي من أجله تشكل أزرق أبيض: نتنياهو لن يكون رئيس حكومة. وإذا سقطت حكومة الأقلية فسيكون هذا بعد أن يقدم ضده الكتاب المقدس المسمى لائحة اتهام. هذا هو مشروع غانتس. هل يملك المطلوب من أجل أن يترأس حكومة أقلية، أم أنه يفضل أن يكون موظفاً في حكومة بيبي؟
بقلم: تسفي برئيل
هآرتس 2/10/2019