خرائط تساعدك في فهم الهجوم التركي على شمالي سوريا
بدأت تركيا عملية عسكرية ضد القوات التي يقودها الأكراد في شمال شرقي سوريا، بعد أيام من انسحاب القوات الأمريكية من على الحدود.
تساعد هذه الخرائط في فهم الهجوم وعواقبه المحتملة.
المناطق ذات الأغلبية الكردية
يشكل الأكراد ما بين 7 إلى 10 في المئة من سكان سوريا. ولعقود من الزمن، تعرضوا للقمع والحرمان من الحقوق الأساسية، من قبل الرئيس بشار الأسد وقبله والده حافظ الأسد.
قبل اندلاع الانتفاضة ضد نظام بشار الأسد في عام 2011، كان معظم الأكراد يعيشون في مدينتي دمشق وحلب، وفي ثلاث مناطق شمالي البلاد بالقرب من الحدود التركية وهي: عفرين في الغرب، كوباني “عين العرب” في الوسط، والقامشلي في الشرق.
عندما تطورت الانتفاضة إلى حرب أهلية، تجنبت الأحزاب الكردية الرئيسية الانحياز إلى أي طرف. وفي عام 2012، انسحبت القوات الحكومية السورية من المناطق الكردية، للتركيز على قتال فصائل المتمردين في أماكن أخرى، فسيطرت الميليشيات الكردية على تلك المناطق في أعقاب ذلك.
في أواخر عام 2014، شن تنظيم الدولة الإسلامية “داعش” هجوما على مدينة كوباني، ما دق ناقوس الخطر في أنحاء العالم، وتدخل تحالف متعدد الجنسيات بقيادة الولايات المتحدة ضد “تنظيم الدولة الإسلامية” من خلال شن غارات جوية.
بعد تراجع مسلحي تنظيم الدولة، أصبح الأكراد الشريك الأكثر أهمية للتحالف على الأرض في سوريا.
في عام 2015 شكلت وحدات حماية الشعب الكردية، تحالفا مع بعض الفصائل العربية المحلية سميت بـ “قوات سوريا الديمقراطية”.
وبمساعدة قوات التحالف الدولي، عبر القصف الجوي والأسلحة والمستشارين، طرد مقاتلو قوات سوريا الديمقراطية، تنظيم الدولة الإسلامية من ربع مساحة الأراضي السورية، واستولوا على الجيب الأخير الذي كان تحت سيطرة التنظيم في مارس/ آذار 2019. كما أنشأوا “إدارة مستقلة” لحكم المنطقة.
“منطقة آمنة” تقترحها تركيا
هددت تركيا مرارا بشن عملية عسكرية في الأراضي التي تسيطر عليها قوات سوريا الديمقراطية، لإنشاء “منطقة آمنة” بعمق 32 كيلومترا، وتمتد لمسافة 480 كيلومترا على طول الجانب السوري من الحدود بين البلدين.
تريد تركيا طرد وحدات حماية الشعب الكردية، إذ تعتبرها امتدادا لحزب العمال الكردستاني، الذي يقاتل في تركيا منذ عقود لنيل الحكم الذاتي للأكراد هناك، وتصنفه أنقرة على أنه “منظمة إرهابية”. كما تأمل تركيا أيضا في إعادة توطين نحو مليوني شخص، من بين 3.6 مليون لاجئ سوري تستضيفهم حاليا على أراضيها.
وفي محاولة لتجنب الهجوم الحالي، وافق الجيش الأمريكي في أغسطس/ آب الماضي على إقامة “آلية أمنية” مع الجيش التركي في المنطقة الحدودية، وتعاونت وحدات حماية الشعب الكردية معها وسحبت أسلحتها الثقيلة وفككت التحصينات.
لكن في 6 أكتوبر/ تشرين الأول الجاري، قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان للرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، إن عملية عسكرية عبر الحدود “ستمضي قدما قريبا”، حسبما أعلن البيت الأبيض. وأضاف أن ترامب رد بقوله إن القوات الأمريكية المتمركزة في المنطقة لن تدعم أو تشارك في العملية، وسوف تنسحب.
كان رد فعل قوات سوريا الديمقراطية غاضبا على قرار ترامب، وحذرت من أن “الهجوم غير المبرر” من جانب تركيا “سيكون له أثر سلبي على معركتنا ضد داعش، والاستقرار والسلام اللذين صنعناهما في المنطقة”.
وأضافت: “نحن مصممون على الدفاع عن أراضينا مهما كان الثمن”.
ويُعتقد أن العملية التركية ستركز مبدئيا على امتداد 100 كيلومتر، من الحدود بين بلدتي تل أبيض ورأس العين، وهي منطقة ذات كثافة سكانية منخفضة معظم سكانها عرب.
نزوح السكان المحتمل
الأراضي التي تقع داخل “المنطقة الآمنة”، التي ستخلقها تركيا، هي منطقة سهلية خصبة كانت ذات يوم بمثابة سلة الخبز لسوريا، على عكس المناطق الصحراوية القاحلة التي تقع إلى الجنوب.
وتظهر هذه المنطقة على الخريطة منقطة وفيها عشرات القرى والبلدات. وكان عدد سكان مدينة القامشلي، التي لا يزال جزء منها خاضعا لسيطرة الحكومة السورية، يبلغ نحو 200 ألف نسمة قبل اندلاع الحرب في سوريا.
وقالت لجنة الإنقاذ الدولية، وهي منظمة إنسانية، إن المنطقة التي تخضع حاليا لسيطرة قوات سوريا الديمقراطية هي موطن لنحو مليوني مدني، “نجوا بالفعل من وحشية تنظيم الدولة والتشرد لعدة مرات”.
وكتبت اللجنة على موقع تويتر، في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الجاري، قائلة: “لقد أدى الهجوم العسكري إلى تشريد ما لا يقل عن 300 ألف شخص على الفور، وتعطيل الخدمات الإنسانية المنقذة للحياة”.
وقالت منظمة إنقاذ الطفولة إن 1.65 مليون مدني يحتاجون إلى المساعدات الإنسانية في المنطقة، من بينهم أكثر من650 ألف شخص نازح بسبب الحرب.
وقال المنسق الإقليمي للأمم المتحدة لشؤون سوريا، بانوس مومتيس، إنه جرى وضع خطط طارئة لمساعدة المدنيين، الذين أجبروا على الفرار من ديارهم بسبب الهجوم.
وحذر من أن أي عملية عسكرية يجب أن تأخذ في الاعتبار تأثيرها على المدنيين، مضيفا: “نحن نأمل في الأفضل، لكننا نستعد للأسوأ”.
وقال السيد مومتيس إن للأمم المتحدة “تاريخ مرير” مع مفهوم المناطق الآمنة، وإنها لم تشجع أبدا على إنشائها، مستشهدا بالمذبحة التي وقعت في بلدة سريبرينيتسا، في البوسنة والهرسك عام 1995.
أسرى داعش وعائلاتهم
تقول قوات سوريا الديمقراطية إنها تحتجز أكثر من 12 ألف شخص، يشتبه بأنهم أعضاء في “تنظيم الدولة الإسلامية” في سبعة سجون. ما لا يقل عن 4000 من السجناء من الرعايا الأجانب، ويقال إن بعض السجون قريبة من الحدود التركية.
في غضون ذلك، تُحتجز عائلات أعضاء “تنظيم الدولة الإسلامية” في ثلاثة مخيمات للنازحين وهم: روج، عين عيسى، والهول.
وسيكون كل من روج وعين عيسى – اللذين يأويان 1700 و 12900 شخص على التوالي، حسب الأرقام التي رصدت في مايو/ أيار الماضي – ضمن “المنطقة الآمنة” المقترحة من تركيا.
يعد مخيم الهول الأكبر من نوعه حتى الآن، حيث يبلغ عدد سكانه أكثر من 68 ألف نسمة، ويبعد نحو 60 كيلومترا عن تركيا، وبالتالي لن يكون ضمن المنطقة الآمنة. أكثر من 94 في المئة من سكانه من النساء والأطفال، من بينهم 11 ألفا من الأجانب.
وقال ترامب لأردوغان إن القوات التركية ستكون مسؤولة، عن تأمين مقاتلي التنظيم المحتجزين في المناطق التي سوف تستولي عليها، وذلك وفقا للبيت الأبيض.
ومن جانبها قالت قوات سوريا الديمقراطية إن مقاتليها سيواصلون حراسة السجون والمخيمات، لكن هناك مخاوف من إمكانية استدعائهم إلى مناطق أخرى بسبب القتال، أو اضطرارهم للفرار في حال تعرضهم لهجوم. بى بى سى